مراجعة كِتاب : حياةٌ ورسالة
عنوان الكِتاب : حياة ورسالة ، صفحات من حياة الشيخ الدكتور عبدالله الشهراني رحمه الله .
المؤلِف : سعود محمد القعود
عدد الصفحات : 126
الناشر : دار الميمان
الحمد لله ، وبعد :
سيرُ الرِجال تُرَبّي الرِجال ، ولا زالت أخبار الصالحين والفاعلين تفعل فينا خيرًا كثيرًا ما راعينا حق الله فيها ، وقد جاء عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال : ” سيرُ الرِجال أحبُّ إليَّ من كثير من الفقه ” .
تتشابه المقدمات التي يتتابع عليها الشباب ، ولذا تكون النتائج مُتشاكلة أيضًا ، والأخطاء مُكررة ، وترشيد كثيرًا من الجُهود المُهدرة يُمكن أن يحصل بتدوين التجارب وحفظها ثم توريثها للأجيال ، وكم من حسراتٍ في هذا الباب ، ويترجم عبدالرزاق السنهوري هذا المعنى فيقول : ” لا أحد يكتب مذكراته ، لا القاضي ولا المحامي ، لا طالب القانون ولا الأستاذ الجامعي ، لا المستشار ولا المحقق ، لذا ولعدة عقود نكرر نفس الأخطاء ! “.
مَن نحن بصددهِ رجلٌ كانت جنازته مليئة بالدروس ، ولعل تجاذُب الأضداد نعشهُ ظَهيرة تشييعه ودفنه أحد المشاهد التي لا يُمكن تجاوزها بسهولة ، أما حياته التي جاوزت الخمسين عامًا فتلك التي حاول المؤلف أن يُشير إلى بعض ما كان فيها ، أحسنَ الله إليه كما أحسنَ إلى الشيخ عبدالله رحمه الله .
جاء الكِتاب بعد خمس سنوات ونصف من وفاة الشيخ رحمه الله ، ولعل نشره خطوة أولى صحيحة في طريق لا زلتُ أراهُ طويلًا ، ولا زال الواجب مُتعينًا على مَن خالطوا الشيخ وعرفوه عن كَثَب ومُدَد أطول .
كان للفكر التربوي عند الشيخ آثارًا وعوائدَ جمَّة ، وكان ينعكس على أعماله كلها ، ولعل تتلمذهُ المُباشر وغير المباشر على روَّاد هذه المدرسة ورَّث هذا التميّز اللافت ؛ فلسفة الدعوة عند الشيخ رحمه الله كانت مختلفة ، والمسافة المناسبة التي حافظ عليها مع المُخالفين مع التزامه التام بما يعتقده ويراه كانت مُحرِجة لهم ودفعت جُملة منهم إلى إعادة النظر فيما يتبنَّون ، الرساليّة اللازمة لكل ما يأتي ويذَر كانت أحد تطبيقات فلسفته الدعويّة ، والحضور الدائم لما بعد الموت كانت شيئًا لا بد وأن يُرى أثره في كل جلوس إليه مهما طال أو قَصُر .
امتدَّت حياة الشيخ رحمه الله أكثر من خمسة عقود ، وقد التقطَ الكتاب صور ومشاهد متنوّعة من هذي الحياة العريضة الحافلة ، ومع أن الرثاء أخذ حيّزًا لا بأس به إلا أنَّ القارئ الكريم سيلمس الروح التربوية من خلال الحديث عن الفقيد رحمه الله ، وسيشتمُّ بين سطوره كثيرًا مما يصلح أن يكون مُلهمًا سواء على المستوى الشخصي أو على مستويات أعلى .
أخيرًا : هذي سيرة رجل أحسب أن الله اصطفاه لأعمالٍ لا يقوى كثرتها أكثر الناس ، وستكون مُلهمة لأقوام مُلتهمة لآخرين ، وشأنها شأن نظيراتها ؛ فيؤخَذ منها ما يُناسب المُستقي المُستنهل ، مُراعين فيها الظروف الزمانية والمكانية التي نشأ فيها الفقيد وعاش ، وهذا وإن كان بديهيًا إلا أن التنويه عليه ليس من نافلة القول .
رحم الله الشيخ عبدالله بن محمد الشهراني ، وقدَّس روحه في أنهار الجنة ، وشكر الله للمؤلِف سعود بن محمد القعود ، وجعلَ ما قدَّمه للشيخ شفيعًا وشاهدًا له فلقد أحسن إلى الشيخ أيما إحسان ، وشكر الله لورثة الفقيد حرصهم على خروج أعمال الشيخ والأعمال التي عنه بصورة مجوَّدة ، وهذا من توقيرهم للمتوفَّى فجزاهم الله خيرًا ، ولعل هذا المؤلَّف باكورة أعمال أخرى أنفع وأعمق ، وشكر الله لدار الميمان تبني هذا العمل وهم أهلٌ لكل تميّز وعمل نوعي .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
Yeah. that’s what I was exploring for.. thanks. Ola Lammond Wylma
Superb Blog, das pure Leidenschaft strahlt … Melonie Farly Dennett